"الصقارة".. هوية وثقافة متجذرِّة
يعود تاريخ الصقارة إلى آلاف السنين، حيث تعدُّ هواية قديمة، وحرفةأصيلة تجذَّرت في أعماق الحضارات التي عاشت على شبه الجزيرة العربية، كما تمثِّل تراثًاثقافيًّا غنيًّا يعكس تآلف الإنسان مع الطبيعة ومهاراته في التعامل مع الكائناتالحية، حيث طوَّع الإنسان الصقور بأنواعها من أجل الصيد؛ تارةً لكسب العيش، وتارةًأخرى من أجل ممارسة هذه الهواية النبيلة التي تنطوي على قدر كبير من المهارةوالصبر، كما تعد رمزًا للفروسية والشجاعة.
وكان الملوك والأمراء يمارسونها كوسيلة لإظهار قوتهم وبراعتهم؛وأبرزهم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود؛ مؤسس المملكة العربية السعودية-طيب الله ثراه-؛ الذي كان من أبرز عشاق الصقور، حيث استخدم الصقارة كرمز لتوحيدالقبائل وتعزيز روح الفروسية، كما كان يلقب بـ(صقر الجزيرة).
وتُسهم الصقارة في الحفاظ على التراث الإنساني الحي، حيث سجلت منظمة (اليونسكو)الصقارة؛ (الصيد باستخدام الصقور)، على لائحة التراث العالمي غير المادي، عملاًبالاقتراح الذي تقدمت به بعض الدول الأعضاء بالمنظمة؛ وهي: المملكة العربيةالسعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة قطر، ومملكة بلجيكا، وجمهوريةالتشيك، والجمهورية الفرنسية، وجمهورية كوريا، ومملكة المغرب، ومملكة إسبانيا،والجمهورية العربية السورية، وجمهورية منغوليا.
وتعزيزًا لهذه المكانة، تضمَّن شعار يوم التأسيس (تأسيس الدولةالسعودية الأولى) وجود الصقر كأحد عناصر التراث السعودي، حيث يتكوَّن الشعار منخمسة عناصر جوهرية؛ هي: العلم السعودي، والنخلة، والصقر، والخيل العربية، والسوق.
وكانت الصقور، إبان فترة الدولة السعودية الأولى، من الهدايا التي تقدّملشيوخ القبائل، إضافة إلى أنها كانت تمثِّل رمزًا للصلح في حال الخلافات.
موروث الصقارة ( حسب تعريف اليونيسكو )
الصقارة: تراث إنساني حيّ ، الصقارة حرفة تقليدية تُمارس في العديد من بلدان العالم وتقوم على تربية الصقور وتدريبها بهدف استخدامها في الصيد. وكانت الصقارة في الأساس وسيلة لتوفير الغذاء، ولكنها باتت تجسد روح الصداقة والمشاركة وهي تتركز بصورة رئيسية على طول مسارات وممرات هجرة الطيور ويمارسها أشخاص من كل الأعمار، رجالاً أو نساءً، هواةً أو محترفين. ويطور مربو الصقور علاقة قوية ورابطاً روحياً مع طيورهم. ومن الجدير بالذكر أن تربية الصقور وتدريبها والتعامل معها واستخدامها للصيد تستلزم تحلي مربي الصقور بالكثير من الصبر والخبرة.
المزيد